recent
أخبار ساخنة

لماذا يكرهنا العرب ؟

إيجي تريند
الصفحة الرئيسية
نرمين عمار


كتبت : نرمين عمار

قبل الإجابة عن هذا السؤال، دعونا نتفق أن هناك من لا يعتقد أساسا فى مشروعية هذه الفكرة أو صحة هذه النظرية، وربما يرجعها إلى الشعور المزمن بالاضطهاد والدونية... هؤلاء لهم أن يتجاهلوا هذا المقال ولهم بالطبع كل الاحترام.

على الجانب الآخر يقف كثيرون ممن يؤمنون بفكرة أن العرب يكرهوننا، حتى وإن أظهروا العكس، بل ويتعاملون فى حياتهم وفقا لهذا الانطباع!

لذلك دعونا نجرى تجربة ذهنية بسيطة ... دعونا نعود بالذاكرة إلى الوراء مع التريث قليلا قبل الإجابة عن الأسئلة التالية. تذكر... تأمل...فتش فى حنايا الذاكرة وثنايا المشاعر قبل الإجابة.... اتفقنا ؟!

كم مرة كرهت والدتك لتأنيبها لك على الفوضى فى غرفتك أو لانقيادك وراء أصدقاء السوء، وكم مرة كرهت نبرتها السلطوية وهى تطالبك بخفض صوت الموسيقى "عشان الجيران أو "لأن الآذان بيأذن" ؟!

كم مرة تمنيت التخلص من ذلك المعلم الصارم الذى يرهبك صوت دخوله إلى الفصل لأنك لم تحفظ دروسك أولمشاغبتك لأقرانك؟

كم مرة كرهت جارك الذى يدس أنفه فى شؤون العمارة والسكان، هذا الذى يراقب المدخل والمنور والسلالم وربما يتعقب الزوار وينهر الأطفال لصخبهم أثناء لعبهم الكرة ؟

كم مرة غبطت ذلك الكهل وهو يطالع بزهو شجرة عائلته وتسلسل نسبه وألبوم صوره المكتظ وربما شرائط حفلاته ومناسباته العائلية التى لا تتسع لها مكتبته، بينما اقدم ما لديك هى وثيقة ميلادك؟

كم مرة كرهت زميلك فى العمل لذكاءه وبراعته وسرعة إنجازه للمهام بسهولة وبطرق مبتكرة بينما أنت ما زلت تطالع الكتالوج؟ ما إحساسك وأنت تطالع سيرته الذاتية وقد ضاقت بها ورقة ال A4 التى طلبتها منه كمدير لقسم ال HR بالشركة؟!

كما مرة تأففت من زميلتك المرحة اللاهية وهى تجادلك حول مكان السهرات أو قضاء العطلات؟ فهى تارة ترغب فى الغوص فى البحر، وتارة أخرى تسعى لهدوء الصحراء، وهاهى الآن تخيرك بين السينما أو المسرح أو ربما حفلة موسيقية، بينما كانت بالأمس تحشرك فى ندوة ثقافية بعد إنتهاءك من فعاليات الورشة التعليمية والجلسة الصوفية!!

كم مرة إنتهى بكم برنامج اللهو الحافل بجولة نيلية تحمل نكهة ساندويتشات لاهبة وصواريخ حارقة تم تصنيعها فى واحد من تلك المطاعم شعبية الطابع، عالمية السمعة؟

وانتى عزيزتى... كم مرة استفزك جمال تلك الفتاة البسيطة الكادحة وهى تسعى هنا وهناك طلبا للرزق؟ كم مرة استكثرتى عليها ذلك الجمال الآلهى والمنحة المجانية الصامدة أمام غبار الفقر وأمطار العوز، بينما تقضين عمرا فى صالونات وعيادات التجميل الباهظة؟

والآن أيها الشقيق الكاره، وبعد أن استعرضنا الأسئلة، وسواء كانت الإجابة بنعم أو لا .. كن صادقا قليلا مع نفسك وأجبنى:

هل يمكن إقناعك ان تلك الأم المتذمرة قوية الشكيمة التى لا هم لها إلا مصلحتك ومصلحة الأسرة، والتى دفعت من اجلك الكثير قد تكون مصر؟

هل تنكر حقيقة أن ذلك المعلم الصارم، من كان يقوم بواجبه ويرضى ضميره، ومن تعامل مع جحودك ونكرانك وسخريتك بكل صبر ونبل كان إسمه مصر؟

هل تنكر أن ذلك الجار اليقظ، من كان سببا فى حماية البناية من اللصوص والمتلصصين، ومن كافح دوما لتحقيق الهدوء والإستقرار لكل السكان كان يسكن مصر؟

هل تنفى تهمة الجمال عن تلك البائسة الغير مدركة لحسنها؟ تلك التى لا تحسن إستغلال فتنتها ولا تبالى بها، تلك المثقلة بالهموم، الغارقة فى صد المتحرشين ورد سهام الحاقدين... ألا تذكرك ملامحها بمصر؟

هل لك ألا تؤمن بآلهة المرح، وربة الفنون والإلهام، شيطانة الشرور والآثام راعية المتع، الحلال منها والحرام...ألا تغويك هذه الحواء المدعوة مصر؟

إذا اجبت بنعم، فأنت شخص سوى الفطرة مستيقظ الضمير، أما إذا كانت الإجابة ب لا، فلك ولا حرج ان تستعين بطبيب من مصر للعلاج من حرقة الفكر وحساسية العقل وفقر كرات الضمير.

أما أنت يا إبن بلدى، وقبل أن تتجرع كؤوس الزهو وتلوح برايات الفخر... تذكر دوما أن لكل عملة وجهان، والوجه الآخر عادة ما يكون مظلما!! لذلك اخفض جناحى الشيفونية و "اتعدل كده بدون عوجان وجاوبنى" :

هل عرفت لماذا يكرهنا العرب ؟!
author-img
إيجي تريند

تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق
  • محمد عبد الحكم سلامة13 ديسمبر 2020 في 12:05 ص

    بالقطع لن أكثر من جمل الإطراء و الثناء على بلاغة الحديث ، و رقة و رشاقة التعبير ؛ لأن من يدلل كثيرا على نور الشمس و هي في كبد السماء ، لا شك في ناظريه غبش...هذا عن القالب اللغوي.
    أما عن المحتوى : فأكتفي بتعليق قرآني أذكره في مقابل عنوانك الاستفهامي ، و هو قول الله - تعالى - (ليسوا سواء)... فمنهم الصالحون و منهم دون ذلك ، و أرى أن سبب وجود (دون ذلك) أمران : الأول هو تزييف التاريخ في عقول بعض أبنائهم بدافع من غل و حقد معلميهم.
    الثاني هو رياح التغريب بما تحمله من لقاحات المدنية و التحضر ، تلك التي هبت في بلادهم بأخرة من الزمن فتوهموا أنهم أقدم من مصر حضارة و أكثر من أهلها مدنية.
    و ختاما...فإن أصدق و أبدع ما في المقال هو أنهم في النهاية لا يعرفون مشفى لهم حين تنهكهم الأمراض إلا أرض طيبة....(مصر).

    حذف التعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent